-->

المتمصلحون

 يحيى الرازحي



المتمصلحون هم أولئك الأشخاص الذين يتغيرون بحسب مصالحهم واطماعهم التي لا تنتهي لأنه ليس لهم هدفا الا مصلحتهم الشخصية ولو على حساب اقرب الناس إليهم .


ولأنّ المصالح أصبحت كثيرة خصوصـًا مشتقاتها نجد الكثير من حولنا يبدعون في تمصلحهم فنحاول أن نكون صادقين معهم ... ولكنّهم لا يعرفون الا مصلحتهم فلا يكترثون لصدقنا معهم لانهم عبارة عن بلها سذجاء اغبياء ... وإذا غيّرنا تعاملنا معهم وتمصلحنا بنفس طريقتهم نصبح لا نختلف عنهم ... ونكون بذلك قد نزلنا لمستوى النفاق الذي قد يوصلنا لمتاهات لا نعرف أين تنتهي بنا.


وإذا واجهناهم واخبرناهم حقيقتهم نجد أننا فتحنا ثغرة لعداوة ولحرب باردة لا نعلم متى تنتهي .


المتمصحلحون للأسف أشخـاص لا تعرف لهم مصلحة محددة.. يجيدون التمثيل بهدف النيل من مشاعر الآخرين .. يبيعون اقرب الناس لهم بثمن بخس ويطعنونهم في ظهورهم فما بالك بزملائهم .. ولا غرابة في ذلك فمبادئهم تقوم على الغدر والخيانة والمصلحة فترى المتمصلح يرافقك في طريقك بل قد يركب معك في سيارتك للذهاب في مهمة عمل وعند اخذه المصلحة منك يغدر بك ولو كان الثمن حقيبة فارغة .


اذا هم المتمصلحون نراهم رغم معرفتنا حقيقتهم يحاولون خداع من حولهم فيكذبون ليبرروا تمصلحهم وزيف صداقتهم لزملائهم حتى لا تنكشف حقيقتهم التي بلا شك انها قد كشفت عند زملاء آخرين بسبب تناقضهم ومحاولة الكذب على الآخرين الذين سبق وتمصلحوا منهم ، حينها سيعرف الجميع انهم متمصلحون خصوصا وانهم عند وجود خلافات مع رؤساء العمل يحاولون أن يجعلون غيرهم من يصطدموا معهم للمطالبة بأبسط حقوقهم وعند الذهاب لوزير او مسؤول لتقديم شكوا يختفون وكأن الأرض ابتلعتهم.


المتمصحلون قد لا يرتاح لهم بالهم حتى ينهشوا لحوم الناجحين ممن حولهم فهم في بحث مستمر عن أعداء لهم ... وأعتقد أنّهم إن لم يجدوا عدوًا صنعوه بأنفسهم .. وأظنّ أنّ أشدّ أعدائهم هو الصدق ... وأعزّ أصدقائهم الزيف والمكر... فأقنعتهم متجددة بحسب ما يرمون إليه من أهداف تخدمهم معتبرين ذلك ذكاء ... مع أننا نعلم أن الفرق كبير بين الذكاء وبين الخداع الذي يقوم مبدؤهم عليه ... فهم بزيفهم يصنعون ثغرات في المحيط الذي يعيشون فيه لا حصر لها ... سواء أكان مجتمعـًا ذا بيئة عائلية أو عملية أو سياسية.


وفي كل مؤسسة او وزارة نرى هذه الشرذمة بأخلاقها السيئة المتصورون بالفضائل وتعاملاتها الرخيصة المتلبسة ببريق الحق تحاول مع الأسف أن يكون لها مكان ومأوى لتنمو فيه وتثمر لتؤسس لها كيان ذات أرض خصبة تمتلي فيه بالمتمصلحين أصحاب الأقنعة لتعبث فيها كيفما شاءت فيزرعون الفسـاد ويحاولون أن يقنعـوا من حولهم أنّ هذا هو غاية الصلاح والنجاح وربما التميّز .


فسحقـًا لهؤلاء المتمصلحون الذين لا يقدّرون قيمة الصدق والتضحيات والزمالة .


سحقـًا لكلّ متمصلح و مقنّع يبيع ضميره و يبيع دينه وقيمه ومبادئه من أجل متاع دنيا أو من أجل أهوائه وأطماعه ومصالحه الشخصية ... وبرأيي لن تسقط الأقنعة لنعيش في جو من الشفافية والرقي إلا إذا حاربناها بالصدق والصراحة والقوّة البعيدة عن المجاملة الزائفة وحاصرناها بالتآزر والتماسك والمحبة والتعامل بذكاء واتزان .


فالأقنعة باتت تحاصرنا في كلّ مكان .. فمتى يعلم المتمصلحون أن أقنعتهم سقطت .

TAG

عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *