(الخطبة الأولى)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله وَسِعَت رَحمتُهُ كُلَّ شيءٍ،وعمَّ إحسانُه كلَّ حيٍّ،نشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له،له الملكُ وله الحمدُ وهوعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ,ونشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنَا مُحمداً عبدُ الله ورسولُه,أرسلَهُ اللهُ بالهدى ودينِ الحقِّ لِيُظهِرَهُ على الدِّين كلِّه ولو كَرِهَ المُشركونَ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وبَارِكْ على مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ,وأصحابِهِ وأَتبَاعهِ بِإحسَانٍ وإيمانٍ على الدَّوامِ. أمَّا بعد:فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ،تكونوا خيرَ عبادِ الله وأكرمَهم عليه وأقربَهم إليه،واذكروا وقوفـَكم بين يديه، يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا
أيها المؤمنون:
يقول الله تعالى
(وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
وقال سبحانه: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)
وكان من دعاء الحبيب المصطفى ﷺ:(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ)
أيها الأحبة:
من حين توفي والدها وهناك رجل يطرق بابهم بعد صلاة كل جمعة ويضع لهم الطعام، سألوها هل عرفتموه؟ قالت 15 عاما لا ندري من هو !
رجل من المسلمين بعد كل صلاة يجمع الأطفال المصلّين في المسجد ويوزّع عليهم الحلوى .. حتّى أصبحوا يسبقونه للصلاة ! مات ولا زال أثره في أبناء الحي ..
امرأة كبيرة في السن تذهب وتضع الماء كل عصر للقطط كميعادٍ مُهم لا تتخلّف عنه، تجدّده كل يوم وترفض أن يبقى متّسخًا .. امرأة يتأخر زوجها دائما، لكن أمه لا تنام حتى يعود، فكانت الزوجة تضع حذاء له عند الباب لتطمئن الأم أنه أتى بالرغم أنه لم يعد لتطمئن أمه وتنام ..
رجل من المسلمين، لما توفي جاءت امرأة إلى بيته معها ثلاث بنات جامعيات، وقالت : بناتي اليتيمات كان يكفلهنّ منذ كنّ في المرحلة الابتدائية، عاش ومات على ذلك ولا أحد يعلم ..
كفل أيتاما واشترط أن لا يعلم به أحد جاءه مسؤول دار الأيتام مرة بدرع تذكاري من باب الشكر له فغضب واستاء ..
رجل أعمال مات ثلاثة من عُماله ولا زال منذ سنوات يرسل رواتبهم كاملة إلى عائلاتهم في بلدانهم ..
منذ سنوات طوال تحلب بقرها وغنمها يومياً وتصنع لبناً توزعه في قوارير مختلفة الحجم وتضعه خارج البيت ليأخذه العمال والمحتاجون والمارة ..
معلمة جديدة منذ أن استلمت التدريس في المدرس لعام خلا قامت بفرش مصلى المدرسة على حسابها وتحفظ الطالبات والمستخدمات القرآن الكريم .. شخص كل أسبوع بعد صلاة الجمعة يدعو البسطاء من العمال والبسطاء في الحي على الغداء ..
رجل محسن كان من عجائبه، أنه إذ مر بأسرته على أطفال فقراء خلع الأحذية من أرجل أطفاله وأعطاهم ووعد أطفاله بالبديل..
سنة كاملة لم تنقطع عن زيارة زوجها الذي قد دخل في غيبوبة وتقرأ عليه القرآن كل ليلة ، حتى أفاق واسترجع عافيته بفضل الله
عنوان خطبتنا اليوم:
(وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
أيها الأحبة:
لقَدْ أمرَنَا القرآنُ الكريمُ بالتسابُقِ إلَى فعلِ الخيرِ فقالَ سبحانَهُ وتعالَى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) وعملَ بذلكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طولَ حياتِهِ وفِي كُلِّ أحوالِهِ، واقتدَى بهِ الصحابةُ الكرامُ رضوانُ اللهِ عليهِمْ، فِي سلوكِهِمْ وحياتهم، حتى غدوا مصدر إشعاع للخير والإحسان، فهذَا أَبُو بكْرٍ الصديقُ رضيَ اللهُ عنْهُ كانَ سبَّاقاً، وحريصاً علَى أَنْ يكونَ لهُ سهْمٌ فِي كُلِّ وُجُوهِ الخيرِ، وقَدْ سألَ رَسُولُ اللَّهِ r أصحابَهُ يوماً فقالَ لَهُمْ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ ﷺ: (فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ ﷺ: (فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ ﷺ: (فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟). قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ ﷺ: (مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ).
أيها الأحبة:
جزاءُ السابقينَ إلَى الخيراتِ، والمسارعينَ إلَى الطاعاتِ، محبةُ ربِّ الأرضِ والسمواتِ، والنعيمُ المقيم في الجنة، حيثُ يصرِفُ اللهُ عزَّ وجلَّ عنْهُمُ الْهَمَّ والسوءَ، قالَ تعالَى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا).
ولقَدْ كانَ أصحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أحْرَصَ الناسِ علَى فِعلِ الخيرِ والتسابُقِ إليهِ والتنافُسِ فيهِ، وقَدْ فطنَ سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ إلَى معنَى هذَا التسابُقِ فأرادَ مُنافسةَ أبِي بكرٍ فِي الخيرِ، قالَ رضيَ اللهُ عنهُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِي فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟). فَقُلْتُ: مِثْلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : (مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟). فَقَالَ: أَبْقَيْتَ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقُلْتُ : لاَ أُسَابِقُكَ إِلَى شَىْءٍ أَبَدًا.
أيهَا الأحبة:
إنَّ اللهَ تعالَى فتحَ لنَا أبوابًا للخيرِ كثيرةً بِحسَبِ قدرتِنَا وطاقاتِنَا، وقال بعض الصالحين الطرق إلى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق، ولَنْ يعجَزَ أحدٌ أَنْ يكونَ مُبادِرًا إلَى الإحسانِ والنفعِ كلٌّ فِي مكانِهِ، فيستطيعُ كلُّ مؤمنٍ أَنْ يكونَ مِنْ أهلِ الفضلِ والبِرِّ والعملِ الصالِحِ بِيُسْرٍ ودونَ مشقةٍ، ففِي عملِ الخيرِ تكفيرٌ للسيئاتِ ورفْعٌ للدرجاتِ وبركَةٌ فِي الأعمالِ الصالحاتِ، وتفريج للكربات، قالَ تعالَى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضيَ اللهُ عنهُ: عَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أَتَصَدَّقُ وَلَيْسَ لَنَا أَمْوَالٌ؟ قَالَ: (مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ التَّكْبِيرَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ... وَتَعْزِلُ الشَّوْكَةَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَالْعَظْمَ وَالْحَجَرَ، وَتَهْدِي الأَعْمَى وَتُسْمِعُ الأَصَمَّ وَالأَبْكَمَ حَتَّى يَفْقَهَ، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَةٍ لَهُ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَهَا وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ إِلَى اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَرْفَعُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ).
أيها الأحبة:
بلغت الأزمة من الناس مبلغها، وبتنا نرى اليمن التي لم يجُع فيها يومًا إنسان ولم يعرَ، بتنا نرى الحفاة العراة الجوعى، اليمن التي كانت فيها البهائم لا تضام، قد ضيم فيها البشر.
هذا يستدعي منا أن نفتح أبواب الفضل الإلهي علينا بفتح أبواب الخير ..
خفف عن المستأجر إيجار بيتك وابتغ بذلك وجه الله ..
بع بضاعتك بربح قليل واطلب بذلك الفرج من الله ..
أعط السائل، وصل اليتامى، زر المهجرين، وأعط المحرومين، لا تبخل على نفسك بالخير وإن كان قليلا، رُويَ عن عائشة أنها تصدقت بحبة عنب، وقالت: (كم فيها من مثقال ذرة؟)
وقال ﷺ: (لا تَحْقِرنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئاً وَلَوْ أنْ تَلقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَليقٍ)
وقال: (يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شاةٍ)
وقال: (من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلوَّه حتى تكون مثل الجبل)
افعل الخير ما استطعت وإن كان قليلا فلن تحيط بكله
ومتى تفعل الكثير من الـ خير إذا كنت تاركاً لأقله
أيها الأحبة:
تعالوا نفتح أبوابنا إلى الجنة بأيدينا، ونصنع غدنا الحقيقي، نحن لا نقدر أن نأخذ مالنا معنا إلى قبورنا ولكن حتما نحن نستطيع تقديمه ليسبقنا إليها.
اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لنا، وَتَرْحَمَنا، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنا غَيْرَ مَفْتُونين، وَنَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِا إِلَى حُبِّكَ.
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم ..
.
الخطبة الثَّانية:
الحمدُ لله تعبَّدنا بالسَّمعِ والطَّاعة،وأَمَرَنَا بالسُّنةِ والجَمَاعَةِ،نشهدُ ألا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ،من يُطعِ اللهَ ورسولَه فقد رَشَدْ،ومن يَعصِ اللهَ ورسولَه فقد غوى,ونشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُه تَرَكَ أمَّتَهُ على البَيضَاءِ لا يَزيغُ عنها إلا أهلُ الضَّلال والأهواء.اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على محمدٍ,وعلى آلهِ وأصحابهِ ومن اهتدى بهديِهِ إلى يومِ الدِّينِ, يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ إخوةَ الإسلامِ:والمؤمنُ الحَقُّ هو مَنْ يُعظِّمُ شَعَائِرَ اللهِ تعالى،يَمتَثِلُ أوامِرَهُ ويَجتنبُ نَواهِيَهُ،ويُسارِعُ في الخيراتِ،ويَقومُ بِالواجِبَاتِ،ويَحرصُ على المُستَحبَّاتِ،كَارِهَاً الكُفْرَ والفُسوقَ والعِصيانَ،مُجانِباً المُحرَّمَاتِ،مُجاهداً نَفسَهُ على البُعدِ عن المَكرُوهَاتِ.
ونَحنُ في يومٍ عَظِيمٍ قَدرُهُ,وفيهِ سَاعَةُ رَحمَةٍ وإجابَةٍ وشهر عظيم ,تعظُمُ فيه الحسناتُ والسَّيئاتِ!فهل من وقفَةِ مُحاسَبَةٍ وَتَأَمُّلٍ؟
ألم يَقُل لنا رَبُّنا جلَّ وعلا: فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ رُويَ عن ابنِ عَبَّاسِ رَضِي اللهُ عَنهما أنَّهُ قالَ: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ أَي:في الأَشهُرِ كُلِّها،ثُمَّ اختَصَّ من بَينِ ذَلِكَ أَربَعَةَ أَشهُرٍ فَجَعلَهنَّ حَرَاماً وعَظَّمَ حُرُمَاتِهنَّ،وَجَعَلَ الذَّنبَ فيهنَّ أَعظَمَ،والعمَلَ الصَّالحَ والأجرَ فيها أَعظَمَ.
عبادَ اللهِ:إنَّ عدداً مِن إخوانِنا قد لا يعلمونَ لِهذهِ الأشهرِ حُرمَتها وقَدرها،ولا يَعلمونَ أنَّها من شَعَائِرِ اللَّهِ واللهُ تعالى يقولُ: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ وإذا كان المسلمُ مُطالباً على الدَّوامِ بِتعظِيمِ حُرُمَاتِ اللهِ وشَعائِرهِ في كُلِّ وقتٍ وحينٍ،فَإنَّ مُطالبَتَهُ في الأَشهُرِ الحُرُمِ آكَدُ وأوجَبُ!فيا اللهُ:كَم نَظلِمُ أَنفُسَنا بِارتكَابِ المَعاصِي والآثامِ،ونَحنُ مَنهيِّونَ عن ذَلِكَ على الدَّوامِ،فَقد بَدأْنا بِشَهرِ أخذِ العُدَّة،فما أخشاهُ,أنْ نكونَ مِمَّن كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ
بَيِّض صَحِيفَتَكَ السَّودَاءَ فِي رَجَبٍ بِصَالِحِ العَمَلِ المُنْجِي مِن الَّلهَبِ
شَهرٌ حَرَامٌ أَتَى مِن أَشهُرٍ حُـرُمٍ إِذا دَعَا اللهَ دَاعِ فِيهِ لَمْ يَخِـبِ
طُوبَى لِعبدٍ زَكَـى فِيهِ لَهُ عَمَـلٌ فَكَّفَ فِيهِ عَن الفَحشَاءِ والرِّيَبِ
إلى اللهِ المُشتكى:لقد كثُرِتِ لَدينَا المَآثِمُ،وظَهَر الفَسادُ في البَرِّ والبَحرِ،وتَلاعبَ الشَّيطَانُ بِنَا! وأَضلَّ أُنَاساً عن صِراطِ اللهِ المُستَقِيمِ،فَذَكَ صَريعُ الشَّهواتِ،وآخرُ مَفتُونٌ بالشُّبهاتِ،وثَالثٌ غافلٌ عن الأوامِرِ والصَّلواتِ،ورابعٌ غَارِقٌ في مُعامَلاتٍ مُحرَّماتٍ،وثُلَّةٌ مؤمنةٌ وإنْ قَلَّ عَدَدُهم، واستَحكَمَت غُربتُهم,يَنظرونَ بِنورِ اللهِ،ويَهتَدُونَ بِهدْي القُرآنِ،يَقتَدُونَ بسيِّدِ الأنامِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ،فَطُوبى لَهم!ومَوعدُهم يَومَ التَّنَادِ،فَيا أَخَا الإسلامِ:رَاجِع نَفسَكَ،وتفكَّرْ في أَمرِكْ،وابكِ على خَطيئَتِكَ,فإنَّها ذِكرى تَنفعُ المؤمنينَ,وَمَوعِظَةٌ تُنَبِّهُ الغَافِلِينَ،
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه آناء الليل وأطراف النهار سيد الخلق وحبيب الحق محمد؛ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن الصحابة الأخيار المنتجبين، وعلينا معهم وفيهم يا رب العالمين.
اللهمَّ أيقظنا من رَقَدَاتِ الغفلَةِ,وتَوفَّنا وأنتَ راضٍ عنَّا غيرَ غضبانٍ,اللهمَّ اعفُ عنَّا واغفر لنا وارحمنا,واجعلنا هداةً مُهتدينَ,غير ضالين ولا مُضلِّينَ,اجعلنا بِكتابِكَ مُستمسكينَ وبسُنَّةِ نبيِّكَ مُهتَدينَ,اللهم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمينَ خُذ بنواصيهم للبرِّ والتَّقوى,ومن العملِ ما تُحبُّ وترضى,واكفنا وإيَّاهم شَرَّ الفِتنِ والبِدعِ ما ظَهَرَ منها وما بطنْ,اللهم انصر دينكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّكَ وعبادِكَ المُؤمنينَ,اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذلَّ الشِّركَ والمُشرِكينَ,
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا غما إلا كشفته ولا عسرا إلا يسرته ولا عدوا إلا قصمته ولا صعبا إلا سهلته، اللهم انصرنا على عدوك وعدونا، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من الجيش واللجان في كل مكان وثبت أقدامهم وسدد رميهم واحفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك وأيدهم بجند من عندك برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق