-->

الخطبة الأولى

      (الخطبة الأولى)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين، الذي لا حمدَ إلا لَهُ، ولا توكلَ إلا عليه، ولا ركونَ إلا إليه، ولا استعانةَ إلا به، ولا فضلَ إلا لَهُ، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، الأوَّلُ الذي لا شيءَ قَبْلَهُ، والآخرُ الذي لا غايةَ لَهُ، وأشهدُ أن سيدَنا وحبيبَنا ومقتدانا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وخيرتُهُ من خلقِهِ، أرسله بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَهُ على الدينِ كلِّهِ ولو كره الكافرون، ولو كره المشركون، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله ما تعاقب اليلُ والنهارُ، ورضي الله عن صحابته الأخيار من المهاجرين والأنصار.

أيها المؤمنون:


يقول تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)

وصح في الحديث  عن النبي ﷺ قال: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولاتجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا).


أيها الأحبة: 

حديثنا اليوم عن مرض من أمراض القلوب، فالقلوب تمرض كما تمرض الأبدان، والقلوب تموت كما تموت الأبدان، حديثنا اليوم عن مرض خطير، وخلق ذميم هو منبع الشرور العظيمة، ومفتاح العواقب الوخيمة، انتشر بين الناس، يَهدمُ حصون الدين.


ما فشا في أمة إلا كان نذيرَ هلاكها، ولا دب في أسرة إلا كان سبيلَ فنائها، إذا دخل بيتاً خلخل بناءه، وفرّق أبناءه، سلاح الشيطان، يضرب به قلوب البشر .. إنه داء الحسد. 


أمر ربنا جل وعلا بالاستعاذة من شره، فقال سبحانه وتعالى : (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).


الحسد أيها الأحبة أول ذنبٍ عُصي الله به في السماء، عندما رفض إبليس السجود لآدم عليه السلام، (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ).


والحسد أول ذنب عُصي الله به في الأرض، عندما قتلَ قابيلُ أخاه هابيل، وبسببه كاد إخوة يوسف ليوسف؛ فألقوه في غيابة الجب. 


وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الحسد هو داء الأمم الذي أفسدها، قال ﷺ: (دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء وهي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين)


فلنتق الله أيها الأحبة ولنحذر أن نكون من أعداء نعم الله تعالى، فقد قال النبي ﷺ: (إن لنعم الله أعداء، قيل من هم يا رسول الله ؟ قال الذين يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله)


وجاء في الأثر أن الله عز وجل قال لموسى عليه السلام: (الحاسد عدو نعمتي، رادٌّ لقضائي، ساخطٌ لرزقي الذي قسمته لعبادي، غير ناصح لهم)



أيها الأحبة: 

القران الكريم يصور لنا نفسية الحاسد: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا). 


طبيعة الحاسد طبيعة لئيمة، فالحاسد لا يبحث عن المحاسن عند الناس، الحاسد يجهر بالسوء ويقبِّح الحسن، ويكتم الحق، يتتبع العورات، ويستجمع الزلات، ويعظم الأخطاء، ويعمل على إشاعتها بين الناس.


إذا رأى نعمة بُهت، وإذا رأى خطأ تشفى وشمت. 


وهذا طبيب القلوب سيدنا محمد ﷺ يحذرنا من هذا الداء فيقول: (وإياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).


كم فرقت هذه الخطيئة بين الأحبة وزرعت الشقاق !

كم من زوجين متحابين فرق بينهم الحاسدون، وكم من بيت تهدّم بكيد الحاسدين !


كم من محصنة عفيفة أشاع عنها الحاسدون، وكم من امرأة تصطلي بنار الحاسدات !


كم من أمين خونه الحاسدون، وكم صاحب جاه ومنصب أُشغل ببغي الحاسدين !

كم من عالم وداعية ومصلح طعن به الحاسدون !


كم من نفس تتقطع ألماً من أذى الحاسدين ! 


نقول لأولئك الذين ابتلاهم الله بهذا المرض العضال (مرض الحسد) : 


اعلموا أن الله أخبرنا في القرآن فقال: (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)، وقال : (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).


أيا حاسداً لي على نعمتي           

أتدري على من أسأت الأدب

أسأت على الله في حكمه               

لأنك لم ترض لي ما وهب


هل تعلم ما قصة المثل: لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله؟


كان هناك ملك وكان له صديقٌ عالمٌ يدخل عليه فينصحه، وكان الملك يقربه ويحبه محبة عظيمة، وكان هذا العالم يكثر من قول: أَيُّهَا الْمَلِكُ أَحْسِنْ إِلى الْمُحْسِنِ وَدَعِ الْمُسِيءَ تَكْفِكَ إِساءَتُهُ، وكان لهذا الملك وزير يحسد هذا العالم على قربه من الملك، وعلى الهدايا التي يحوزها كلما دخل عليه.


فَسَعَى بِهِ عند الملك فَقالَ: أَيُّها الْمَلِكُ إِنَّ هَذا الرجل يقول عنك للناس أَنَّكَ رجل أَبْخَرُ (لك رائحة فم كريهة)، قالَ وَكَيْفَ لي بِأَنْ أَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قالَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ فقرِّبه منك لِتُكَلِّمَهُ وانظر ماذا يفعل .. وانتظر الوزير إلى قبيل موعد العالم مع الملك فدعاه إلى طعام غداء عنده، أكثر فيه من الثوم والبصل ..


فلما دخل العالم على الملك أَدْناهُ الْمَلِكُ لِيُكَلِّمَهُ فوضع العالم يده على فمِهِ ..


فأسرها الملك في نفسه، وكان من عادته أن يكتب له بجائزة، فكتب كِتابًا وخَتَمَهُ، وقالَ اذْهَبْ بِهَذا إِلى فُلانٍ (وهو أحد أمرائه)، فَلَمّا أَنْ خَرَجَ اسْتَقْبَلَهُ الوزير فَقالَ: ما الذي جرى معك؟ قال: كالعادة أكرمني الملك بجائزة. 


قال الوزير والحسد يأكل قلبه: كل مرة يعطيك الملك عطاء، فهل تهبني جائزتك هذه المرة؟ 


فَوَهَبَها لَهُ فَأَخَذَ الكِتابَ، ومَرَّ بِهِ إِلى الأمير، فَلَمّا أَنْ فَتَح الكِتابَ دَعَا الجلاد، فَقالَ الوزير: اتَّقُوا اللهَ يا قَوْم فَإِنَّ هَذا غَلَطٌ وَقَعَ عَلَيَّ، وراجعوا الْمَلِكَ فَقَالُوا: لاَ يجوز لَنا مُعاوَدَةُ الْمَلِكِ، وكانَ في الكِتابِ إِذَا أَتاك حامِلُ كِتابي هَذا فَاذْبَحهُ وَٱسْلخهُ وَٱحْشُهُ التِّبْنَ، وَوَجِّههُ إِلَيَّ ..


فَذَبَحهُ وسَلَخ جِلْدَهُ، ووَجَّه بِهِ إِلَيْهِ، فَلَمّا أَنْ رَأَى الْمَلِكُ ذَلِكَ تَعَجَّبَ، واستدعى العالم وقال له: تعال وٱصْدُقْنِي، لَمَّا أَدْنَيْتُكَ لِماذا قَبَضْتَ عَلى أَنْفِكَ ؟ 


قالَ أَيُّها الْمَلِكُ إِنَّ الوزير دَعاني إِلى طعام وأَكْثَرَ فِيه الثُّومَ، فَأَطْعَمَنِي فَلَمَّا أَنْ أَدْنيتنِي قُلْتُ لا يَتَأَذَّى الْمَلِكُ بِرِيحِ الثُّومِ، فَقالَ ارْجِعْ إِلى مَكانِكَ وقُلْ ما كُنْتَ تَقُولُهُ ووَصَلَهُ بِمالٍ عَظِيمٍ ..

وقال قولته التي أصبحت مثلاً: " لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله ".


أيها الأحبة:

لقد ذم النبي ﷺ الحسد فقال: (شيئان لا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد)، فالحسد إذا وجد في القلب خرج الإيمان منه .

وللحاسد عقوبات قبل أن يصل حسده إلى الناس:


قال أبو الليث يرحمه الله في كتاب تنبيه الغافلين: يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود، 

أولها: غم لا ينقطع. 


والثانية: مصيبة لا يؤجر عليها. والثالثة: مذمة لا يحمد عليها. 

والرابعة: سخط الرب. 

والخامسة: يغلق عنه باب التوفيق والعياذ بالله.


وقال عبد الله ابن المعتز رحمه الله تعالى: 

اصبر على كيد الحسود                   

فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها                         

إن لم تجد ما تأكله


أخي الحبيب: ربما عجز الشيطان أن يجعلك تعبد صنما، أو حجرا أو شجرا .. (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)


لكنه يطمع أن يبغض إليك أخاك وجارك وصديقك، يخاف أن تُحبَ لأخيك الخير والصلاح لدينه ودنياه، فيملأ قلبك حسدا وحقدا عليه  …


سئل الرسول ﷺ: (أي الناس أفضل ؟ قال:  كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب ؟ قال : هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد ).


فاحرص أن تكون مخموم القلب صدوق اللسان، طهر قلبك من الحسد، فإنه يأكل صاحبه، ولا يجلب منفعة ولا يزيل نعمة، وارض بما قسم الله لك، فإن مقسم الأرزاق بين العباد هو الله، والحسد تذمّر واعتراض على الله، وأكثر من النوافل ومن ذكر الله، فإن فيها علاجًا للقلب من أمراضه وأدوائه، اللهم طهر قلوبنا من الحسد والإثم والبغي ..


أقول قولي هذا وأستغفر الله .. لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.  



      (الخطبة الثانية )


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حقَّ حمْدِهِ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ إلهًا واحدًا وربًا شاهدًا ونحنُ لَهُ مسلمون، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسولُهُ صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه وعلى آلهِ صلاةً وسلامًا دائمينِ بدوامِه، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.


عباد الله الأكارم:

إنَّ الله سبحانه وتعالى ما أمرَنا بأمرٍ إلَّا وفيهِ صلاحُنا، وما أمرَنا بأمرٍ إلا ورَسَمَ لنا وبَيَّنَ لنا الكَيْفِيَّةَ المناسبةَ لنا لتنفيذِ تلك الأوامرِ رحمةً منْهُ بعباده، وفي المقابلِ نهانا عنْ كلِّ ما يُخَالِفُ تلك الأوامرِ لِما يَتَرَتَّبُ عنْ تلكَ المخالفةِ من نتائجَ كارثيةٍ تضرُّ بالأُمَّةِ وتُؤَدِّي إلى شَقائها وتعاستِها في الدنيا والآخرة.


فحينما أمرَنا بالاعتصامِ بحبلِهِ والتوحُّدِ والتآخي، نهانا عنِ الاختلافِ والتنازعِ؛ فقال سبحانه: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [سورة الأنفال(46)] 


فالتنازع يُمَزِّقُ الأُمَّةَ ويُفْشِلُهَا ويَذْهَبُ بِقِيمَتِها ومكانَتِها بَيْنَ الأُمَمِ، وقال جل وعلا: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران(105)] 


 فبَيَّنَ أنَّ الاختلافَ نتيجتُهُ الحتميَّةُ هيَ الخزيُ في الدنيا، والعذابُ العظيمُ في الآخرةِ؛ لأنَّهُ سببٌ في تَمْزُّقِ الأُمَّةِ وانْحِرَافِها عنْ هدْيِ اللهِ سبحانه، وأعظمُ منْ ذلك وأخطرُ: أنَّهُ منْ أهمِّ أسبابِ تَسَلُّطَ الطغاةِ والظلمةِ وتَمْكِينِهِم منْ ظلمِ العبادِ ونَشْرِ الفسادِ ونَهْبْ المالِ العامِّ، وهو معنى قوله سبحانه: (فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)، ولا شك أنَّ المستفيدَ الوحيدَ من التنازُعِ والاختلافِ هم أعداءُ الأمةِ من اليهودِ والنصارى، وعلى رأسهم في زماننا أمريكا وإسرائيل وأذيالُهُم من المنافقين وعلى رأسهم آلُ سعودٍ وآلُ نهيان.


أيها المؤمنون:

وبِمَا أنَّ اليهودَ والنصارى والمنافقين همُ المستفيدونَ من تفرُّقِ الأمَّةِ وتَمْزيقِها، فإنهم يسعون إلى تفريق الأمةِ وتَشْتِيتِها بِشَتَّى الوسائلِ والطرقِ والأساليبِ، وينفقون من أجلِ تحقيقِ ذلك آلاف المليارات، ومن أساليبهم في تمزيق الأمة وتفريقها العمل على نشر الخلافاتِ الطائفيةِ والمناطقيةِ والجغرافيةِ، وسعَوا ويسعون إلى أنْ يكونَ لهم أيادٍ تُنَفِّذُ مخططاتِهِم في بلادنا ويبذلون الأموالَ الطائلةَ لأجل ذلك، ويعملون ويحاولون جادين أنْ يخترقونا، وأنْ يوجدوا من ينفذ مآربَهُم من الداخل، والمنافقون وضعاف النفوس أكثر الناس عرضة للانخداع بشبههم وأضاليلهم، والانجرار وراء إغراءاتهم، ولذلك حذر الله المؤمنين منهم فقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) [ آل عمران  100]  فبين أن طاعتهم تؤدي إلى الكفر به سبحانه، ثم يعقب بقوله مستنكرا: (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) [ آل عمران – 101 ]  فيخاطب الله عباده المؤمنين مستنكرا كيف يكفرون ويتبعون أعداءهم وعندهم كتابُ الله المنهجُ الأقوَمُ، وفيهم رسولُ الله ومن بعده أعلامُ الهدى من أهل بيت نبيه. 


عباد الله:

منذ ست سنوات وشَعْبُنا يُضْرَبُ ويُحَاصَرُ ويُمْنَعُ مِنْ أدنى الحقوقِ ومقوماتِ الحياةِ، منذ ست سنواتٍ وثرواتُنا تُنْهَبُ، وما مِنْ سببٍ إلا أننا رفضنا الانصياعَ للأعداءِ، وأرَدْنا أنَّ نَعِيشَ العَيْشَ الكريمَ والحريَّةَ التي هي من أساسياتِ بعثِ الرسلِ وإنزالِ الكتبِ، ومن العجيبِ الغريبِ أنَّهُ لا يزالُ هناك منْ هو ساكتٌ وهو يرى وطنَه الذي يَسْتَنْشِقُ هواءَهُ ويَسْكُنُ فيهِ ويَشْربُ منْ مائِهِ ويأكلُ منْ خيراتهِ يُضْربُ بالأسلحةِ المحرمةِ، ويُحَاصَرُ ويُمْنَعُ منْ أدنى الحقوقِ وهو ساكتٌ وكأنَّ الأمرَ لا يعنيه، وكأن العدوانَ على بلد غير بلدِهِ، وكأن الذين يُقتَلون ويُحاصَرون من عالمٍ آخر وهذا والله هو العار والنفاق وسيسألون عن هذا بين يدي الله، ولهؤلاء نقول: اتقوا الله وراجعوا ضمائركم فسكوتكم عار عليكم. 

 

أيها المؤمنون:

المعركة واسعة، والعدو يواجهنا: عسكريا واقتصاديا وثقافيا وإعلاميا وسياسيا، وهذا يتطلب منا شحذ الهمم ومواجهة العدوان بالآلية التي يواجهنا بها؛ بأن نعد ما استطعنا عليه، ونتوكل على الله وهو الذي وعد عباده بالنصر وهو لا يخلف الميعاد.



هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه آناء الليل وأطراف النهار سيد الخلق وحبيب الحق محمد؛ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وصل وسلم على وصيه وباب مدينة علمه ليث الكتائب وأشجع طاعن وضارب سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، وعلى زوجته الحوراء سيدة نساء الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما الإمامين أبي محمد الحسن وأبي عبدالله الحسين، وعلى الملائكة المقربين، وارض اللهم برضاك عن الصحابة الأخيار المنتجبين، وعلينا معهم وفيهم يا رب العالمين.

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا غما إلا كشفته ولا عسرا إلا يسرته ولا عدوا إلا قصمته ولا صعبا إلا سهلته، اللهم انصرنا على عدوك وعدونا، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من الجيش واللجان في كل مكان وثبت أقدامهم وسدد رميهم واحفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك وأيدهم بجند من عندك برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.


عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *